الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية محسن مرزوق يروي تفاصيل زيارته الاخيرة للشاعر الكبير اولاد حمد وما دار بينهما ويكشف..

نشر في  08 أفريل 2016  (10:48)

نشر المنسق العام لحركة مشروع تونس تفاصيل زيارته الاخيرة التي اداها للشاعر الكبير الراحل الصغير اولاد حمد وكشف فيها التالي:

"أحمد وأولاده
فعلتها حتى في جنازتك؟ وبالتعبير العامي "دخلتها بعضها" كما كنت تحب أن تفعل حيا؟ فبعثرت المنطق وما يجب أن يكون وصار دفنك عملا في المقلوب معاكسا للمطلوب؟ الدولة التي كان من المطلوب أن "تترهدن" فتنظم لك جنازة كما يجب بالموسيقى النحاسية وأوسمة الضباط عادت إلى غبائها الذي كنت من بين الحالفين يمينا بوجوده. فتجاهلت الفرصة وجلبت لنفسها لعنة شياطين الشعر وملائكته. 
أما مشيعو نعشك فلم تخفت أصواتهم إلى درجة أنني ظننت أن مؤذن الصلاة عليك أضاف نشيد حماة الحمى لمنطوق الأذان.
والنساء. حبيباتك الصبايا والعجائز. فقد أغلقن باب الاستعارة بالمشاركة في حمل نعشك وإهالة التراب عليك. فكنّ كما كنت تراهنّ جنسا أنثويا غريبا على قوالب هذه الأمة، لسن نساء فقط بل نساء ونصف.
والمناضل حمة الهمامي صار شاعرا وأنشد نصا جميلا.
وأعتقد أنني سمعت إنشادا خافتا بصوت أجش يشبه صوت شكري الذي كان ظلا لشجرة على مرتفع. وأظن أنني سمعت أيضا كلاما عن فيافي ولادتك وطفولتك البوزيدية من "ولد بلادك" الحاج البراهمي الذي عرفته من قامته الطويلة بين المشيعين.
هكذا كنت دائما وستبقى مشاكسا لعوبا باللغة وبأصدقائك قبل أعدائك.
أتذكر تلك القصيدة في الحب التي كتبناها معا ذات مساء منذ سنوات طويلة. وأنشدتها ذات يوم وقلت: هذه قصيدة كتبتها مع شاعر تمنعه ظروفه السياسية من الادلاء باسمه وكنت أنا وقتها منخرطا في الحركة الطلابية؟ ثم تذكرناها في أحد زياراتي الأخيرة لك فقلت لي مازحا: رغم السنوات الطويلة ما زلت لا تستطيع الادلاء باسمك بعد شعرك لأسباب سياسية. 
هذه الليلة سأنشر تحت هذا النص قصيدة قديمة جدا ولن أخفي اسمي تحتها لأشاكسك بعد موتك ولأحتفل بذكراك ولأنك أنت أنت لن أدع ظروفي السياسية تمنعني من نشرها بعد سجنها مثل غيرها لأكثر من عقدين في دفاتر مخفية.
تحيتي لك. ومازال عندي ما ساقوله لك في قادم الأيام. فقد مات أحمد ولكن أولاده الكثيرين أحياء.
قل لي....
يا أنت
قل لي:
كيف مزجت شوكي وفليّ
ليطلع منهما هذا التجليّ
وأعرف أني
لو لم تكن أنت 
ما كان ظليّ

يا أنت
قل لي
كيف تسللت بين 
كرامتي وذلي
فصرت شيئا من النار وشيئا من الطلّ
تشتتني نجوما بشهقة روح
وتجمعني بلمسة الذئب كليّ

قل لي
فقد تكاثرت كالشوك في سلّي
هل أسميك عدويّ
أم أصافيك خليّ؟
ومن؟ إن جئت بأسئلتي
يعين ذاكرتي على الحلّ

قل لي
فبيني وبينك 
ما بين رب رحيم
وإثم يصليّ
تراودني بكأس غششت الخمر فيها بأسوأ الخلّ
وتسألني لعليّ أحبّ ....لعليّ؟

يا أنت
قل لي؟
وقد ذهبت حين رحلت بجلّي
هل ستحفظ ما أخذت
أو تعمّر ما هدمت حين تولّي؟
وهل ستنظر في عيوني
حين أعيد نفس السؤال عليك: ما معنى التملك في التخليّ؟
هل تغامر بالاجابة؟
قل لي......
محسن مرزوق"